أوروبا تأمل أن تكون الأزمة المالية القادمة بعيدة

نُشر هذا المقال في الاقتصادي-الإمارات: رابط المقال

بدأ كل ذلك منذ وقت بعيد، وكانت الخاتمة في 2008. في تلك السنة، تقدم مصرف ليمان برذرز بطلب للحماية من الدائنين، في إفلاس يعتبر الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية إن لم يكن في التاريخ. كمصرف استثماري، لم يكن على ليمان برذرز أي قيود على مطارح الاستثمار أو المناطق التي باستطاعته تركيز وجوده فيها. وبالتالي طالت أزمة الائتمان الطاحنة الجميع، وتجاوزت آثار الإفلاس أي حدود متوقعة. كانت الأزمة عن حجم تعرّض المؤسسات المالية لمخاطر عدم سداد الدين، وليمان برذرز كان متعرضاً بشكل كبير جداً وبتركيز مخاطر لا تنوع فيه.

وتقول الرواية أن ليمان برذرز كان يبحث عن مطارح استثمارية جديدة. فجاء موظفو التمويل لديه بـ “الفكرة.” فبعد أن انتبهوا للأمان الذي توفره الرهون العقارية والتزام المقترضين بسداد ديون الرهن، بدؤوا بطرح منتجات رهنية غير آمنة إلى السوق، جامعين كل الرهون العقارية في صندوق استثماري واحد أصدروا فيه سندات وشهادات استثمار وباعوها لأولئك الراغبين بالمخاطرة. من الناحية النظرية، تم تقدير المخاطر على أنها منخفضة، واعتقد الكثيرون أن دمج كل تلك الرهون يبدو استثماراً عاقلاً.

ولكن الناس كانوا سيتخلفون عن سداد القروض عاجلاً أم آجلاً، وهذا ما حدث. وكلما ازداد التعثر تعمّقت أزمة المصارف، فما عادت قادرة على استعادة أموالها من المقترضين، ولا على سداد فوائد السندات التي تملّكها مستثمرون أفراد ومصارف استثمارية. وتتالى حدوث ذلك إلى أن قضت الأزمة عليهم جميعاً.

إن ترابط الأسواق المالية الوثيق قد يكون له نتائج حسنة وأخرى سيئة. فالشركات التي استثمرت بمصرف ليمان برذرز تأثرت بانهياره، وكذلك الدول التي استثمرت فيه، وكذلك المؤسسات التي تشاركت معه، وبدا وكأن كل شخص تأثر أيضاً. تقدم ليمان بطلب إشهار الإفلاس، وهو محاولة لحماية الشركاء وحماية الشركة من الدائنين، ريثما يتم القيام بتغييرات لانقاذ المؤسسة إن أمكن. وأدى ذلك بشكل مباشر وغير مباشر إلى إفلاس شركات وأشخاص، وخسارة كبيرة للأسواق المالية، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الفائدة لمعدل 0٪.

منذ عدة أسابيع كان هناك رأي يناقش إن كنا سنرى انهياراً آخر مماثلاً قريباً، وافترض هذا الرأي أنه لن يحدث شيء مشابه، على الأقل خلال العقد الحالي. لكن السؤال المثير للاهتمام كان: ما هو الانهيار الكبير التالي، وأين؟ تبدو الصين في وضع جيد، باستثناء بعض الفقاعات العقارية الصغيرة التي تحدث بسبب انضمام مزيد من الصينيين لصفوف الطبقة الوسطى. وتبدو الولايات المتحدة آمنة كذلك الأمر بسبب تحسين الإجراءات المالية وتنسيقها مع الإجراءات المالية العالمية لضمان إغلاق ثغرات محددة كانت موجودة في النظام المالي العالمي. وتبلي اليابان ودول آسيا الوسطى بلاءاً حسناً كذلك. لكن أوروبا.. سلامتها مشكوك فيها.

بالرغم من إجراءات التقشف والتضييق التي فرضت في أوروبا، فليس هناك تغيير كبير في القواعد المالية. كما أن البنك المركزي الأوروبي لا يتمتع بسلطة فرض معدل فائدة واحد يناسب الجميع بدون أن يواجه المشاكل الاقتصادية في كل بلدٍ على حدة.

ولهذا أترككم مع تساؤل أخير: هل يستطيع العالم أن يتحمل إفلاساً كبيراً مرة أخرى في المستقبل القريب، حتى وإن لم يحدث قبل سبع سنوات عندما ينتهي العقد الحالي.