نُشر هذا المقال في الاقتصادي-الإمارات: رابط المقال
غالباً ما تكون المفاهيم الأساسية هي التي تستطيع تفسير أعقد المسائل وأكثرها إثارة للجدل، مثل مسألة الانخفاض الحالي في أسعار النفط.
تناولت مقالات عديدة المبادئ الأساسية لعلم الاقتصاد، وكيف أنه من الضروري استيعاب أن وجود فائض في العرض سوف يؤدي إلى انخفاض مستمر في السعر طالما بقي الطلب ثابتاً، أو لم يزدد على نحو يقابل العرض المتزايد.
وبمجرد أن يلتقي العرض والطلب يتوقف انخفاض الأسعار بالتأكيد. قد يكون هذا هو الحال، لكن دعونا نحلل الأرقام ونرى إلى أين سوف تقودنا.
أخذتُ في البداية مستويات إنتاج النفط عام 2012 حسب إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة، ثم قارنتها بمستويات الاستهلاك عند نفس الدول العشرين الأكثر إنتاجاً كي أحدد الدول التي تنتج أكثر من استهلاكها وبالتالي تقوم بتصدير النفط، والدول التي تستهلك أكثر مما تنتج وبالتالي تستورد النفط.
الدولتان الأعلى استهلاكاً كانتا الولايات المتحدة والصين، ونظراً لأن الصين لم تكن أبداً من بين الدول الثلاث الأعلى إنتاجاً للنفط – وبما أنه من المتوقع أن يستمر النمو في الطلب على النفط في الصين – حولت التركيز نحو الولايات المتحدة. لم أفعل ذلك بسبب ما ذكرته قبل قليل أو لأنها كانت دائماً مستورداً رئيسياً للنفط، بل السبب الرئيسي هو أن مستويات إنتاجها كانت دائماً في ازدياد منذ أن تم استخراج النفط لأول مرة فيها في ستينات القرن التاسع عشر.
أتحدث هنا عن 6 آلاف برميل يومياً كانت تنتجها عام 1864 والتي أصبحت 8.5 مليون برميل يومياً عام 2014. عند النظر إلى الفجوة ما بين إنتاج الولايات المتحدة من النفط واستهلاكها له، أو حتى عندما نأخذ واردات النفط بعين الاعتبار، نرى أن صافي الواردات أخذ يتناقص منذ عام 2005، وباتت الولايات المتحدة تعتمد على النفط الأجنبي بنسبة 33 في المئة فقط من استهلاكها. وكي نفهم هذا دعونا نلقي نظرة على المزودين الرئيسين للولايات المتحدة حسب ما وثقته إدارة معلومات الطاقة والنسب المئوية لكل منها.
تتصدر كندا أعلى القائمة بنسبة 28٪، تليها السعودية بنسبة 13٪، ثم المكسيك 10٪، ثم فنزويلا 9٪، ثم روسيا 5٪. المُلاحظة الأولى هُنا هي أن هذه الدول جميعها من بين قائمة أعلى المُصدّرين التي ذكرناها سابقاً، وجميعها أيضاً من الدول التي تنتج أكثر من استهلاكها للنفط.
النقطة الثانية هي أنه عندما نجمع حصتي دولتين من دول منظمة أوبك، هما السعودية وفنزويلا، فإن مجموع الحصتين يبلغ 22 في المئة، أي أنه لا يفوقهما سوى كندا. السبب الذي جعلني أصنفهما على هذا النحو هو الدور الذي لعبه أعضاء أوبك في الماضي عند محاولة رفع أو خفض أسعار النفط، بالإضافة إلى أن صادرات أوبك من النفط تمثل 60 في المئة من التجارة الدولية للنفط ولأن السعودية هي المنتج الأكبر في أوبك.
تاريخياً، ناقش الاقتصادي “آدم سميث” كيف يمكن للعرض والطلب العالميين أن يؤثرا في أسعار مختلف السلع. ففي حالة الذهب والفضة، يؤثر اكتشاف مناجم جديدة إلى هبوط في السعر نتيجة لزيادة العرض.
ما يجب تسليط الضوء عليه هو أن وفرة العرض سوف يؤدي إلى خفض السعر بغض النظر عن الطلب، كما أن في سبعينات القرن الماضي وقع حدثان تسببا في ارتفاع الأسعار ما أدى إلى عجز في اقتصادات الدول الكبرى، وإلى ظهور الطوابير الطويلة من أجل شراء البنزين.
وبداية من تلك اللحظة في التاريخ تغيرت بضعة أشياء إلى الأبد. كانت أوبك في ذلك الحين تتحكم بنسبة كبيرة من سوق النفط تجعل من الممكن لها أن تتحكم بالأسعار، وأدركت جميع الدول التي عانت من العجز والطوابير الطويلة حينها أهمية تنويع المصادر والابتعاد عن مورد رئيسي وحيد للنفط.
كانت تلك نهاية النفط الرخيص، أو على الأقل المرحلة الأولى من ذلك. فبعد أن اكتُشف النفط الصخري للمرة الأولى، ثم أصبح استكشافه واستخراجه مُكلفين للغاية، كانت أوبك وما تزال اللاعب الرئيسي – نفسياً على الأقل – إذ تمتلك 80 في المئة من احتياطيات النفط المؤكدة.
أسسنا إلى الآن دوراً متزايداً للولايات المتحدة وغيرها من المُوردين في سوق النفط، كما أشرنا أيضاً إلى كيفية التأثير في الأسعار بطريقة ما بناءً على حصة السوق التي تسيطر عليها. سأركز في الجزء القادم من التقرير على الأسعار التي يجب أن تبيع الدول عندها من أجل الحفاظ على موازناتها، ويعني ذلك الأسعار التي دونها تصاب الدول بعجز، وفوقها تكسب فائضاً.
تبلغ تلك الأسعار حسب ما ورد في صحيفة وول ستريت، وبدءاً من السعر الأعلى: إيران 140 دولار للبرميل، فنزويلا والجزائر 121 دولار للبرميل، نيجيريا 119 دولار للبرميل، الإكوادور 117 دولار للبرميل، العراق 106 دولار للبرميل، أنغولا 108 دولار للبرميل، السعودية 93 دولار للبرميل، ليبيا 90 دولار للبرميل، الكويت 75 دولار للبرميل، الإمارات 70 دولار للبرميل، قطر 65 دولار للبرميل.
وبما أن الأسعار كانت تتأرجح بين 80 إلى 85 دولاراً حين كُتب التقرير الإنجليزي وتتأرجح الآن بين 50 إلى 60 دولاراً، يمكنكم بسهولة معرفة الدول التي تخسر المال يومياً، والدول التي تتدبر أمرها، والدول التي ما زالت تكسب المال. وبالعودة إلى أول نقطة ذكرناها، ماذا يحدث عندما يكون السعر أدنى مما هو مطلوب لتحقيق التوازن في موازنة الدول ويؤدي بالتالي إلى حدوث عجز؟ حسناً، هنا تصبح الأمور معقدة.
أول وأسهل شيء يمكن استغلاله هو احتياطيات المصرف المركزي. ذلك هو الحال منذ مدة طويلة في نيجيريا على سبيل المثال، التي بحسب وكالة “بلومبيرغ” انخفض احتياطي النقد في مصرفها المركزي من 39.7 مليار دولار في بداية سبتمبر ٢٠١٤ إلى أقل من 39.3 مليار دولار اليوم. الأمر الآخر الذي يمكن فعله هو رفع معدلات الفائدة لجذب العملات الأجنبية وتجنب هروب رؤوس الأموال.
الأمر الثالث هو خفض قيمة العملة إذا لم تكن مرتبطة بالدولار.
بالنسبة لباقي الدول المذكورة في القائمة والتي ربما تعاني من العجز منذ مدة، فإن الأمر يرجع بصورة أساسية إلى مقدار الاحتياطيات النقدية التي يمكنها إنفاقها قبل قرع ناقوس الخطر.
ما السبب في ذلك؟
لأن رفع معدلات الفائدة قد يضر بأنشطة الاقتصاد، وتخفيض قيمة العملة قد يمهد الطريق أمام معدلات تضخم أعلى في المستقبل. فإذاً، كل ما عليكم القيام به الآن هو التعمق في معرفة من يمتلك المال وما هو مقداره.
وضع مقال في مجلة “فورين بوليسي” قائمة بمختلف الدول التي قد تتأثر سلباً وأوضاع الصناديق السيادية فيها.
لماذا؟
ما أعنيه بكلمة مقبول هو العجز الذي يمكن أن تدعمه احتياطيات النقد الموجودة في المصرف المركزي. هل سوف تشهد أسعار النفط المزيد من الانخفاض؟ يمكن قياس ذلك بالمنطق ذاته الذي تسبب بالانخفاض في ثمانيات القرن العشرين.
في الوقت الراهن، تكابد دول عديدة الألم جراء أسعار النفط الرخيصة في هذه الفترة. ففي كندا، 25٪ من النفط المُنتج من “sand oils” لم يعد مربحاً. وفي الولايات المتحدة، يتكبد 12 مشروعاً على أقل تقدير من مشروعات استخراج النفط الصخري الخسائر، بينما ٤ منها لا تحقق أي ربح ولا خسارة. وبالنسبة لروسيا، إذا كان لابد من أن يكون سعر البرميل 114 دولاراً لتحقيق الموازنة في ميزانية الدولة، وبحسب شبكة سي ان بي سي، فلا يمكن أن يكون الوضع الراهن جيداً على الإطلاق.
قبل ثلاث سنوات، سهلت التقلبات في إنتاج النفط في المنطقة الطريق على الآخرين كي يرفعوا قدرتهم الإنتاجية بكميات مختلفة لكل منهم. هذا الأمر وحده يجعل خفض الإنتاج أمراً صعباً، فما بالكم بخسارة الحصة السوقية بكاملها دون زيادة معقولة في أسعار النفط؟
وفي الآونة الأخيرة، ألغت الولايات المتحدة الحظر المفروض على تصدير النفط المستمر منذ أربعين عاماً، وعاد جزء من منتجي النفط الذين أدت الاضطرابات في مناطقهم إلى خفض أو توقف إنتاجهم سابقاً، وهذا كله يعني زيادة العرض في السوق.
العديد من قدامى منتجي النفط يستخرجونه الآن بقدرات إنتاجية قصوى لم يسبق تحقيقها من قبل، لكن إن تعلمنا من التاريخ شيئاً، فهو أنه يكرر نفسه ولو جزئياً على الأقل.
الدروس التي سوف تتعلمها معظم الدول من انخفاض أسعار النفط – في حال خرجت منه – هي: أولاً، لا يمكنك “الاستمرار في الرقص لأن الموسيقى لم تتوقف بعد”، وثانياً، على الدول المعتمدة بشكل كبير على عائدات النفط أن تقوم ببناء احتياطات كبيرة من النقد في مصارفها المركزية.
الفكرة الأخيرة التي أريد أن أترككم معها هي: ماذا يمكن أن يعني سعر أقوى للدولار في خضم كل هذا؟ وما هو أثر ارتباط عملة دولة ما به؟
غالباً ما تكون المفاهيم الأساسية هي التي تستطيع تفسير أعقد المسائل وأكثرها إثارة للجدل، مثل مسألة الانخفاض الحالي في أسعار النفط.
تناولت مقالات عديدة المبادئ الأساسية لعلم الاقتصاد، وكيف أنه من الضروري استيعاب أن وجود فائض في العرض سوف يؤدي إلى انخفاض مستمر في السعر طالما بقي الطلب ثابتاً، أو لم يزدد على نحو يقابل العرض المتزايد.
وبمجرد أن يلتقي العرض والطلب يتوقف انخفاض الأسعار بالتأكيد. قد يكون هذا هو الحال، لكن دعونا نحلل الأرقام ونرى إلى أين سوف تقودنا.
أخذتُ في البداية مستويات إنتاج النفط عام 2012 حسب إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة، ثم قارنتها بمستويات الاستهلاك عند نفس الدول العشرين الأكثر إنتاجاً كي أحدد الدول التي تنتج أكثر من استهلاكها وبالتالي تقوم بتصدير النفط، والدول التي تستهلك أكثر مما تنتج وبالتالي تستورد النفط.
الدولتان الأعلى استهلاكاً كانتا الولايات المتحدة والصين، ونظراً لأن الصين لم تكن أبداً من بين الدول الثلاث الأعلى إنتاجاً للنفط – وبما أنه من المتوقع أن يستمر النمو في الطلب على النفط في الصين – حولت التركيز نحو الولايات المتحدة. لم أفعل ذلك بسبب ما ذكرته قبل قليل أو لأنها كانت دائماً مستورداً رئيسياً للنفط، بل السبب الرئيسي هو أن مستويات إنتاجها كانت دائماً في ازدياد منذ أن تم استخراج النفط لأول مرة فيها في ستينات القرن التاسع عشر.
أتحدث هنا عن 6 آلاف برميل يومياً كانت تنتجها عام 1864 والتي أصبحت 8.5 مليون برميل يومياً عام 2014. عند النظر إلى الفجوة ما بين إنتاج الولايات المتحدة من النفط واستهلاكها له، أو حتى عندما نأخذ واردات النفط بعين الاعتبار، نرى أن صافي الواردات أخذ يتناقص منذ عام 2005، وباتت الولايات المتحدة تعتمد على النفط الأجنبي بنسبة 33 في المئة فقط من استهلاكها. وكي نفهم هذا دعونا نلقي نظرة على المزودين الرئيسين للولايات المتحدة حسب ما وثقته إدارة معلومات الطاقة والنسب المئوية لكل منها.
تتصدر كندا أعلى القائمة بنسبة 28٪، تليها السعودية بنسبة 13٪، ثم المكسيك 10٪، ثم فنزويلا 9٪، ثم روسيا 5٪. المُلاحظة الأولى هُنا هي أن هذه الدول جميعها من بين قائمة أعلى المُصدّرين التي ذكرناها سابقاً، وجميعها أيضاً من الدول التي تنتج أكثر من استهلاكها للنفط.
النقطة الثانية هي أنه عندما نجمع حصتي دولتين من دول منظمة أوبك، هما السعودية وفنزويلا، فإن مجموع الحصتين يبلغ 22 في المئة، أي أنه لا يفوقهما سوى كندا. السبب الذي جعلني أصنفهما على هذا النحو هو الدور الذي لعبه أعضاء أوبك في الماضي عند محاولة رفع أو خفض أسعار النفط، بالإضافة إلى أن صادرات أوبك من النفط تمثل 60 في المئة من التجارة الدولية للنفط ولأن السعودية هي المنتج الأكبر في أوبك.
تاريخياً، ناقش الاقتصادي “آدم سميث” كيف يمكن للعرض والطلب العالميين أن يؤثرا في أسعار مختلف السلع. ففي حالة الذهب والفضة، يؤثر اكتشاف مناجم جديدة إلى هبوط في السعر نتيجة لزيادة العرض.
ما يجب تسليط الضوء عليه هو أن وفرة العرض سوف يؤدي إلى خفض السعر بغض النظر عن الطلب، كما أن في سبعينات القرن الماضي وقع حدثان تسببا في ارتفاع الأسعار ما أدى إلى عجز في اقتصادات الدول الكبرى، وإلى ظهور الطوابير الطويلة من أجل شراء البنزين.
وبداية من تلك اللحظة في التاريخ تغيرت بضعة أشياء إلى الأبد. كانت أوبك في ذلك الحين تتحكم بنسبة كبيرة من سوق النفط تجعل من الممكن لها أن تتحكم بالأسعار، وأدركت جميع الدول التي عانت من العجز والطوابير الطويلة حينها أهمية تنويع المصادر والابتعاد عن مورد رئيسي وحيد للنفط.
كانت تلك نهاية النفط الرخيص، أو على الأقل المرحلة الأولى من ذلك. فبعد أن اكتُشف النفط الصخري للمرة الأولى، ثم أصبح استكشافه واستخراجه مُكلفين للغاية، كانت أوبك وما تزال اللاعب الرئيسي – نفسياً على الأقل – إذ تمتلك 80 في المئة من احتياطيات النفط المؤكدة.
أسسنا إلى الآن دوراً متزايداً للولايات المتحدة وغيرها من المُوردين في سوق النفط، كما أشرنا أيضاً إلى كيفية التأثير في الأسعار بطريقة ما بناءً على حصة السوق التي تسيطر عليها. سأركز في الجزء القادم من التقرير على الأسعار التي يجب أن تبيع الدول عندها من أجل الحفاظ على موازناتها، ويعني ذلك الأسعار التي دونها تصاب الدول بعجز، وفوقها تكسب فائضاً.
تبلغ تلك الأسعار حسب ما ورد في صحيفة وول ستريت، وبدءاً من السعر الأعلى: إيران 140 دولار للبرميل، فنزويلا والجزائر 121 دولار للبرميل، نيجيريا 119 دولار للبرميل، الإكوادور 117 دولار للبرميل، العراق 106 دولار للبرميل، أنغولا 108 دولار للبرميل، السعودية 93 دولار للبرميل، ليبيا 90 دولار للبرميل، الكويت 75 دولار للبرميل، الإمارات 70 دولار للبرميل، قطر 65 دولار للبرميل.
وبما أن الأسعار كانت تتأرجح بين 80 إلى 85 دولاراً حين كُتب التقرير الإنجليزي وتتأرجح الآن بين 50 إلى 60 دولاراً، يمكنكم بسهولة معرفة الدول التي تخسر المال يومياً، والدول التي تتدبر أمرها، والدول التي ما زالت تكسب المال. وبالعودة إلى أول نقطة ذكرناها، ماذا يحدث عندما يكون السعر أدنى مما هو مطلوب لتحقيق التوازن في موازنة الدول ويؤدي بالتالي إلى حدوث عجز؟ حسناً، هنا تصبح الأمور معقدة.
أول وأسهل شيء يمكن استغلاله هو احتياطيات المصرف المركزي. ذلك هو الحال منذ مدة طويلة في نيجيريا على سبيل المثال، التي بحسب وكالة “بلومبيرغ” انخفض احتياطي النقد في مصرفها المركزي من 39.7 مليار دولار في بداية سبتمبر ٢٠١٤ إلى أقل من 39.3 مليار دولار اليوم. الأمر الآخر الذي يمكن فعله هو رفع معدلات الفائدة لجذب العملات الأجنبية وتجنب هروب رؤوس الأموال.
الأمر الثالث هو خفض قيمة العملة إذا لم تكن مرتبطة بالدولار.
بالنسبة لباقي الدول المذكورة في القائمة والتي ربما تعاني من العجز منذ مدة، فإن الأمر يرجع بصورة أساسية إلى مقدار الاحتياطيات النقدية التي يمكنها إنفاقها قبل قرع ناقوس الخطر.
ما السبب في ذلك؟
لأن رفع معدلات الفائدة قد يضر بأنشطة الاقتصاد، وتخفيض قيمة العملة قد يمهد الطريق أمام معدلات تضخم أعلى في المستقبل. فإذاً، كل ما عليكم القيام به الآن هو التعمق في معرفة من يمتلك المال وما هو مقداره.
وضع مقال في مجلة “فورين بوليسي” قائمة بمختلف الدول التي قد تتأثر سلباً وأوضاع الصناديق السيادية فيها.
لماذا؟
ما أعنيه بكلمة مقبول هو العجز الذي يمكن أن تدعمه احتياطيات النقد الموجودة في المصرف المركزي. هل سوف تشهد أسعار النفط المزيد من الانخفاض؟ يمكن قياس ذلك بالمنطق ذاته الذي تسبب بالانخفاض في ثمانيات القرن العشرين.
في الوقت الراهن، تكابد دول عديدة الألم جراء أسعار النفط الرخيصة في هذه الفترة. ففي كندا، 25٪ من النفط المُنتج من “sand oils” لم يعد مربحاً. وفي الولايات المتحدة، يتكبد 12 مشروعاً على أقل تقدير من مشروعات استخراج النفط الصخري الخسائر، بينما ٤ منها لا تحقق أي ربح ولا خسارة. وبالنسبة لروسيا، إذا كان لابد من أن يكون سعر البرميل 114 دولاراً لتحقيق الموازنة في ميزانية الدولة، وبحسب شبكة سي ان بي سي، فلا يمكن أن يكون الوضع الراهن جيداً على الإطلاق.
قبل ثلاث سنوات، سهلت التقلبات في إنتاج النفط في المنطقة الطريق على الآخرين كي يرفعوا قدرتهم الإنتاجية بكميات مختلفة لكل منهم. هذا الأمر وحده يجعل خفض الإنتاج أمراً صعباً، فما بالكم بخسارة الحصة السوقية بكاملها دون زيادة معقولة في أسعار النفط؟
وفي الآونة الأخيرة، ألغت الولايات المتحدة الحظر المفروض على تصدير النفط المستمر منذ أربعين عاماً، وعاد جزء من منتجي النفط الذين أدت الاضطرابات في مناطقهم إلى خفض أو توقف إنتاجهم سابقاً، وهذا كله يعني زيادة العرض في السوق.
العديد من قدامى منتجي النفط يستخرجونه الآن بقدرات إنتاجية قصوى لم يسبق تحقيقها من قبل، لكن إن تعلمنا من التاريخ شيئاً، فهو أنه يكرر نفسه ولو جزئياً على الأقل.
الدروس التي سوف تتعلمها معظم الدول من انخفاض أسعار النفط – في حال خرجت منه – هي: أولاً، لا يمكنك “الاستمرار في الرقص لأن الموسيقى لم تتوقف بعد”، وثانياً، على الدول المعتمدة بشكل كبير على عائدات النفط أن تقوم ببناء احتياطات كبيرة من النقد في مصارفها المركزية.
الفكرة الأخيرة التي أريد أن أترككم معها هي: ماذا يمكن أن يعني سعر أقوى للدولار في خضم كل هذا؟ وما هو أثر ارتباط عملة دولة ما به؟