آن أوان تغيير نظام المعاشات في الإمارات

نُشر هذا المقال في الاقتصادي-الإمارات: رابط المقال

انتشرت قبل بضعة أشهر شائعات حول التغييرات التي ستطال نظام المعاشات في الإمارات العربية المتحدة. وكانت هناك تكهنات برفع سن التقاعد، وزيادة نسبة المساهمة والحد الأدنى لعدد سنوات الخدمة قبل أن يستطيع الموظف أن يتقاعد.

فعلى أي أساس انتشرت تلك الشائعات؟ كان ذلك بسبب الإعلان بأن نظام المعاشات قيد المراجعة. واسمحوا لي بالقول أنه لا يوجد شيء اسمه نظام معاشات مثالي. فمؤشر ملبورن ميرسر للتقاعد يصنف عدداً من الدول حسب أنظمة المعاشات لديها، لكن ذلك لا يعني أن الدولة التي تتصدر القائمة -وهي الدنمارك لعام 2015- لديها نظام المعاشات الأمثل الذي يمكن استيراده وتطبيقه في دولة الإمارات على سبيل المثال.

إلا أنه من بين البلدان التي تتصدر القائمة هناك خاصيتين يمكن تبنيهما في دولة الإمارات عند دراسة النظام الجديد متى جرى طرحه.

أولاً، لا يمكن أن تستمر المعاشات التقاعدية إلى الأبد. بعبارة أخرى، لا يمكن أن تنتقل إلى المُعالين أو أن يرثوها حتى سن معينة أو حتى الزواج وما إلى ذلك حيثُ يوجد في جميع الأنظمة فائقة الكفاءة تقريباً سقف محدد لسنوات دفع المعاش التقاعدي؛ أي تاريخ نهائي للدفع. والمحرك الأساسي وراء ذلك هو متوسط الأعمار الذي يتضمنه نظام المساهمات المحددة الاسمية للمعاشات.

والنظام في الأساس يخصص جزءاً من مساهمات المتقاعد في حساب شخصي يتراكم حتى سن التقاعد، مع نسبة صغيرة من المساهمة يتم تخصيصها لصالح الصندوق العام للتقاعد. ويمكن أن يكون ذلك مفيداً على نحو خاص في حالات عجز الحكومة كي لا تتحمل الكثير من الأموال.

وبالتالي، إذا كان سن التقاعد في دولة الإمارات ٦٠، ومتوسط العمر المتوقع في الدولة هو 77، فما الفرق إذاً بين النظام الحالي المطبق في دولة الإمارات ونظام المساهمات المحددة الاسمية المطبّق في جميع البلدان التي تتصدر مؤشر ميرسر للتقاعد؟

في النظام الأول سوف تحصل على المعاش التقاعدي (الأساسي بالإضافة إلى تعويضات محددة) لمدة غير محدودة. أما في النظام الثاني، فإن اشتراكاتك تتراكم في حساب شخصي ويتم دفعها لك لعدد من السنوات تساوي متوسط الأعمار ناقص سن التقاعد. وعدد تلك السنوات في دولة الإمارات سيكون 17 سنة (٧٧-٦٠).

لذلك، وعلى فرض أن حساب الفرد عند التقاعد يحوي ثلاثة ملايين درهم، فإن المتقاعد سوف يحصل على معاش تقاعدي يبلغ تقريباً 15 ألف درهم كل شهر.

وبما أن هذا المبلغ منخفض على ما يبدو بالمقارنة المعاشات الحالية، فإنه يجب الوصول إلى توازن بين تطبيق النظام الجديد والقاعدة التي تنص على أن المعاش التقاعدي يجب ألا يقل عن متوسط الراتب الشهري للسنوات الثلاث الأخيرة.

وأيضاً، سوف تحتاج مراجعة نظام المعاشات في دولة الإمارات إلى الأخذ في الحسبان أن نظام المساهمات المحددة الاسمية يمكن أن يطبق على معاشات التقاعد العالية دون تكبد تكاليف مستقبلية عالية، وذلك عند أخذ التكاليف الحالية للمدة غير المحدودة التي تُدفع فيها المعاشات بعين الاعتبار.

يجب أن تعالج المرحلة الثانية من مراجعة نظام التقاعد مسألة نسب المساهمة وسن التقاعد، ولا يمكن فصل هذين الأمرين عن متوسط الأعمار المتوقع، حيث أن دولة الإمارات تقوم بتحسين الخدمات الصحية بشكل مستمر، ما يعني أن متوسط الأعمار سيستمر في الارتفاع.

وينبغي علينا في المرحلة الثالثة أن نطبق نظام اشتراكات إلزامية للمعاشات في صناديق خاصة. وبمجرد وضع نظام المعاشات الجديد وتطبيقه، فإنه يصبح بوسع الأفراد الراغبين في الحصول على دخل أكبر من خلال المعاش التقاعدي تحقيق ذلك عن طريق الاشتراك في صناديق المعاشات الخاصة، التي يمكن للمصارف الكبرى تأسيسها وإدارتها، وتشرف عليها الهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية من أجل دمج كافة مدفوعات معاشات التقاعد لاحقاً.

الفكرة الأخيرة التي أريد أن أترككم معها هي: ما رأيكم بالمساهمة في تمويل صندوق المعاشات بدءاً من سن صغيرة، فلنقل من عمر 15 عاماً؟ (مُلاحظة: تُستخدم علاوة الأطفال في حساب اشتراك تأمين المعاشات للفرد).