ما السر وراء ارتفاع أسعار تأمين السيارات في الإمارات؟

نُشر هذا المقال في الاقتصادي-الإمارات: رابط المقال

لطالما كنت أتساءل كيف صمدت شركات التأمين مع المبالغ المنخفضة نسبياً التي تحددها بالنسبة لتأمين السيارات. وبدا لي أن نموذج الأعمال هذا لا يمكن الاستمرار في العمل به بسبب المبالغ المنخفضة خاصةً وأنها انخفضت أكثر كنتيجة طبيعية لتزايد عدد شركات التأمين التي دخلت السوق الإماراتية.

كان ذلك قبل ست سنوات إن لم يكن أكثر. أما هذا العام، فيبدو أن شيئاً ما قد حدث وأيقظ شركات التأمين وشجّعها على زيادة مبالغ التأمين على السيارات. كيف لا، وأنا الآن أدفع عن سيارتي التي تبلغ من العمر أربع سنوات أكثر من سيارتي التي اشتريتها قبل سنتين؟ مع العلم بأن سعر الأولى الحالي هو نصف سعر الثانية.

هناك ثلاثة عوامل في اعتقادي، هي التي سبّبت الارتفاع الحالي في مبالغ التأمين: الأول هو زيادة أسعار التأمين من قبل شركات التأمين نتيجة التغيير في نموذج التأمين على السيارات. والثاني هو الزيادة في أسعار السيارات التي ناقشتها في مقال سابق. أما العامل الثالث فهو الدور المتزايد لوسطاء التأمين.

فلنبدأ مع نموذج التأمين. الحالة المثالية للموضوع هي ربط شركة التأمين لأسعارها مع أسعار السوق. حيث تسعى الشركة لجمع أكبر عدد من المبالغ من عملاء حاليين مخلصين، وعملاء جدد من خلال العروض الخاصة، مثل المساعدة في حال تعطلت السيارة على الطريق، أو الحصول على موافقة الإصلاح خلال وقت أسرع، إلخ.

ومن ثم تقوم الشركة باستثمار جزء من مبالغ التأمين في استثمارات قصيرة وطويلة الأجل، مع الاحتفاظ ببعض النقود جانباً للحالات المفاجئة التي تضطر فيها الشركة لتعويض كامل ثمن السيارة (وهذا ما حصل معي مرتين، لذلك لا أعتقد أنني من الزبائن المفضلين لدى شركات التأمين).

والحيلة هنا هي في الطريقة التي يُدار فيها التدفق النقدي للشركة. فبالإضافة إلى حرص الشركة على أن يستمر التدفق النقدي اللازم لمصاريفها، فهي لا تدفع مستحقات شركات السيارات والمرائب حالما يتم إصلاح السيارات. إنما تعتمد الشركات على طلبات الشراء، ما يعطيها الوقت الكافي لتأمين الاحتياجات الضرورية للحالات الطارئة التي تتضرر بها السيارة بشكل كامل.

ويرتبط العامل الثاني وراء الارتفاع في مبالغ التأمين مباشرة بأسعار السيارات. فإذا استمرت أسعار الأخيرة في الصعود، فمن الطبيعي أن ينعكس ذلك زيادةً على مبالغ التأمين على السيارات.

هذا يتحدى بالتأكيد مفهوم السعي نحو المنافسة الحرة في سوق التأمين على السيارات، ما سيؤدي لاحقاً إلى انخفاض الأسعار، أي مبالغ التأمين على السيارات. وربما كان ذلك لينجح لولا وجود الوسطاء، خاصةً إذا كان التركيز نحو تحقيق وفورات الحجم بدلاً من رفع الأسعار والذي يتم من خلال جذب المزيد من الشركات الدولية لدخول سوق تأمين السيارات في دولة الإمارات.

وكذلك، يجب أن يكون تصنيف العملاء بناءً على عدد الحوادث، وبالتالي يحصل أسوأ السائقين على أعلى الأسعار. أي استعمال طريقة المصارف في تصنيف المقترضين.

وهنا أستذكر القول الشائع الذي يشجعك على “تجاوز الوسيط”. فمن المفترض على الوسطاء مساعدتك في العثور على أفضل صفقة تأمين، وذلك يشمل أسعاراً أفضل وتأميناً بمزايا أفضل، كأن يغطي دولةً أخرى في مجلس التعاون، أو يسمح لك بإصلاح سيارتك في الوكالة حتى لو تجاوز عمرها الثلاث سنوات.

وعندما نرى مبالغ التأمين آخذة في الازدياد، ليس هناك شك هنا أن رسوم الوسطاء تساهم في ذلك. والسؤال هنا، ما هي أهمية الوسيط إذا كان يمكن لموقع أن يقارن جميع أسعار التأمين ويقدم لك أفضل صفقة متاحة في السوق؟

كل ما يقوم به الوسيط حالياً هو طلب المستندات الخاصة بك وتحميلها في النظام الذي يعرض تاريخ السيارة التأميني، ويسمح لشركات التأمين بتقديم عروضها على هذا الأساس.

الفكرة الأخيرة التي أريد أن أترككم معها هي: لماذا ترفض بعض الشركات التأمين على السيارات التي تتجاوز قيمتها مبلغاً معيناً؟