حان الوقت لشركات صناعة الطيران أن تفكر بطريقة مختلفة كلياً

نُشر هذا المقال في الاقتصادي-الإمارات: رابط المقال

ما هو مستقبل صناعة الطيران؟ فكر في الأمر. هل من المستدام أن يكون لشركات الطيران الكبرى مراكز تشغيل تبعد عن بعضها بين 30 إلى 60 دقيقة طيران؟

كم عدد الشركات التي سيُسمح لها بالعمل في أسواق ضخمة مثل الولايات المتحدة والصين والهند؟

لنفترض أن 30-40% من الوقود يُستهلك أثناء الإقلاع، فيمكن للمرء أن يستنتج من هذا أنه يمكن لشركات الطيران أن تحسن من إيراداتها لكل كيلومتر تحلّقه طائراتها، وذلك من خلال التركيز على الرحلات الطويلة، مع استخدام طائرات أكثر كفاءة في استهلاك الوقود.

لكن السؤال هنا هو: ما هو عدد شركات الطيران الذي يمكن لها التواجد في هذا السوق؟ وكم يمكن لها أن تكون قريبة من بعضها البعض؟

بداية لنأخذ الموضوع من وجهة نظر دولية ثم من وجهة نظر محلية. فنظراً للمكان الجغرافي الجيد جداً الذي تتمتع به المنطقة، لايكون الهدف من ظهور شركات طيران كبرى هو لربط الناس من أجزاء مختلفة من الكرة الأرضية فحسب، بل لجلب الناس إلى مقرات الشركات ذات الأهمية الجغرافية أيضاً، حتى لو كان مجرد عبور سريع ليومين فقط.

الآن، هل ستستطيع هذه الشركات الاستمرار على المدى الطويل؟ الجواب هو لا.

أعتقد أن الاتجاه العام هو أن يكون هناك شركة أو اثنتين من شركات النقل الإقليمية الكبرى، التي سيتحول تركيزها من مزيج بين الرحلات القصيرة والطويلة إلى رحلات طويلة فقط، مما يترك الرحلات القصيرة لصالح شركات طيران منخفضة التكلفة.

من المحتمل أن يكون هذا هو التحول الأول في صناعة الطيران. أما التحول الثاني سيتجسد في انخفاض آخر في عدد شركات النقل العالمية الشاملة. وهو ما يعني أن البلدان التي تفقد المال بسبب إصرارها على الحفاظ على الناقل الوطني سوف تضطر في النهاية إلى التوقف عن فعل ما يسبب هذه الخسائر والمضي قدماً، وتوفير المزيد من الحقوق لشركات الطيران ذات الكفاءة العالية لضمان توفير جودة أفضل، بما في ذلك تطبيق سياسة “الحرية الخامسة للطيران” (Fifth freedom rights) والتي تسمح للركاب بالتوقف في عدة محطات أثناء الرحلات الطويلة، فضلاً عن تحقيق وفورات حجمية أكبر.

أما بالنسبة للتحول الثالث -الذي قد يحدث بالتوازي مع الثاني- فيتمثل في تمكن البلدان ذات التعداد السكاني الأكبر من خدمة أسواقها المحلية من خلال شركاتها المحلية أو شركات عالمية تتخصص في خدمة الأسواق المحلية ذات التعداد السكاني الأكبر، كالهند مثلاً.

مع أكثر من مليار شخص، كانت صناعة الطيران في الهند هدفاً لعمليات الاستحواذ، فضلاً عن الاستثمارات في شركات الطيران القائمة أو إنشاء شركات جديدة. لذلك اشترت شركة طيران “الاتحاد” حصة في شركة الطيران الهندية “جيت إيروايز” (Jet Airways) للوصول بشكل أفضل إلى السوق في ذلك الوقت، كما أنها تتلاءم واستراتيجيتها المتمثلة في الاستحواذ والمحافظة على أسهم في شركات طيران متنوعة.

ومع ذلك، ونظراً لتزايد الانفتاح في الهند تجاه الاستثمارات الأجنبية المباشرة، يمكن لشركة عالمية إنشاء شركة طيران مملوكة لها بالكامل في الهند لتلبية الاحتياجات المحلية هناك.

ويمكن أيضاً القيام بذلك في دولة بتعداد سكاني آقل بكير عن الهند، وهي السعودية، نظراً إلى أنها قبلة عدد كبير من المسافرين الدينيين، مما يجعل طريق جدة واحداً من أكثر الطرق تحقيقاً للأرباح لشركات الطيران (حتى لطائرات الإيرباص A380).

إذاً، ما الذي ينبغي أن تفعله البلدان؟ وما الذي ينبغي أن تفعله الشركات؟

بالنسبة للبلدان؛ “learn to let go”. إن المسألة التي لا يستطيع الكثيرون تقبلها بعد، هي أنه وكشأن أي صناعة أخرى، فإن من سينجح على المدى الطويل هو الأكثر كفاءة في إنتاج وتسليم الخدمة.

ويتمثل الخيار الآخر أمام البلدان في الابتعاد عن إدارة شركة وطنية وتحمل الديون الناتجة عن ذلك، والتوجه إلى إدارة صندوق استثماري –صندوق ثروة سيادي مخصص للطيران-يشتري حصصاً في شركات طيران ناجحة أخرى بدلاً عن ذلك.

أما على صعيد الشركات، فإني أعتقد أننا سنشهد تصاعداً في عمليات الاندماج والاستحواذ بمجرد أن تغير البلدان وجهات نظرها حول نواقلها الوطنية. بعبارة أخرى، عندما يكون المعيار الأساسي للشركات هو المنظور التجاري البحت والعوائد والربحية.

الفكرة الأخيرة التي أريد أن أترككم معها هي: ما هو أهم اندماج أو استحواذ تتوقعه في صناعة الطيران؟