نُشر هذا المقال في الاقتصادي-الإمارات: رابط المقال
يتساءل الجميع كيف سيتأثر اليوان عندما يتم تعويم العملة في نهاية المطاف؟
هل يمكن أن تقوم الصين بتعويم يوانها؟ رسمياً، ليس هناك ربط لليوان مع الدولار الأميريكي. ومع ذلك، يحافظ “المصرف المركزي الصيني” على قيمة اليوان بحيث يتراوح ضمن مجال محدد -في نطاق لا يتعدى 2%- مستفيداً في هذه العملية من بعض الأدوات النقدية.
ستفسر هذه المقالة سبب عدم تعويم اليوان على المدى المنظور، وكيف يستخدم المصرف المركزي الصيني مختلف الأدوات النقدية لدعم اليوان.
لنبدأ بإدخال آلية التثبيت. قرر “المصرف المركزي الصيني” مؤخراً إدراج “عامل التكيف المعاكس للتقلبات الدورية”، والذي يسمح له أساساً بإعادة ضبط المعدلات بغض النظر عن الإغلاق الأخير، أو ما تقرره الأسواق على أنه سعر الصرف المنصف لليوان.
وبعبارة أخرى، يحدد “المصرف المركزي الصيني” سعر الصرف ويدافع عنه. والنتيجة النهائية في تحديد سعر صرف اليوان هي نفسها، ولكن الآلية المستخدمة لتحقيق ذلك مختلفة لأن “صندوق النقد الدولي” شمل اليوان في سلة حقوق السحب الخاصة، ما يؤدي نوعاً ما إلى ضرورة أن يتم تعويم اليوان عاجلاً أو آجلاً ليكون على قدم المساواة مع جميع العملات الرئيسة الأخرى في السلة.
والآن، كيف يحافظ “المصرف المركزي الصيني” على أسعار الصرف الثابتة التي يرغب فيها؟
الأداة الأولى -والمباشرة- السحب من احتياطي العملات الأجنبية الهائل الذي تحتفظ به الصين. أكثر من 3 تريليونات دولار أميركي (11.02 تريليون درهم). فماذا يحدث عندما تنخفض قيمة اليوان كثيراً؟
يقوم “المصرف المركزي الصيني”، من خلال عدة بنوك، بشراء اليوان من السوق لرفع السعر. وبالتوازي مع ذلك، هناك ضوابط على رأس المال تحدّ من التدفقات الخارجية للعملات الأجنبية، وقد اكتشف الصينيون طرقاً لنقل الأموال النقدية واستثمارها في العقارات من خلال منصات وتطبيقات مختلفة.
وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار العقارات في مدن مختلفة، فانكوفر في كندا هي أحد الأمثلة. وترتبط هذه الأداة أيضاً بتعامل الصين مع دخلها من العملات الأجنبية من مختلف قطاعات التصدير الأخرى.
ومن شأن تدفق العملات الأجنبية أن ينشّط الاقتصاد الصيني، مع زيادة الضغط لطباعة المزيد من اليوان وتعميمها في الاقتصاد. وبدلاً من ذلك، يلاحظ المرء أن احتياطي العملات الأجنبية قد حام حول المستويات نفسها على مدى السنوات الخمس الماضية.
الأداة الثانية لها علاقة بأسعار الفائدة. بالمقارنة مع سعر الفائدة في الولايات المتحدة البالغ 1.5%، فإن سعر الفائدة في الصين يتجاوز 4%، ما يسمح بمجال واسع للمناورة في ضبط سعر الصرف ليتجه نحو الأعلى لجذب العملات الأجنبية ودعم قيمة اليوان صعوداً. والعكس بالعكس، إذ يؤدي خفْض سعر الفائدة إلى تخفيضٍ مباشر في سعر اليوان.
الأداة الثالثة هي متطلبات نسبة احتياطي البنوك. إذا انخفضت قيمة اليوان، فإن “المصرف المركزي الصيني” يزيد من متطلبات نسبة الاحتياطي لوقف المعروض النقدي في الاقتصاد. ومن شأن انخفاض المعروض أن يدفع قيمة اليوان صعوداً إلى مستويات أكثر ملاءمة.
وقد تم تطبيق هذه الأداة الأخيرة في الاتجاه المعاكس أيضاً، وذلك من خلال خفض “المصرف المركزي الصيني” لمتطلبات نسبة الاحتياطي الذي لديه لضخ المزيد من اليوان في الاقتصاد، وهو أحد التدابير التي تُتخذ لدعم الشركات بشكل غير مباشر والذي يُعرَف بشكل واسع باسم حقن السيولة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الإجراء يزيد من ديون الشركات المتزايدة مسبقاً منذ وقت طويل في الصين، ما حدا بشركة التصنيف موديز إلى تخفيض ترتيب الصين وهو إجراء يحدث لأول مرة منذ 1989.
عندما يكون هناك تدفق كبير من الدولار الأميركي في الاقتصاد الصيني، فإن “المصرف المركزي الصيني” يحتاج إلى طباعة المزيد من اليوان، الأمر الذي سيفاقم التضخم ويخفف من قيمته، ما يعزز وضع التصدير ولكنه يؤدي إلى تفاقم سيناريو الديون. ولذلك، فإن الصين تأخذ تلك الدولارات وتستثمرها في شراء الخزائن وغيرها من سندات الدين الأميركية، حيثُ يصل المبلغ إلى حوالي 1 تريليون دولار.
ومن خلال ذلك، يرتفع الطلب على الدولار الأميركي عموماً، ما يرفع قيمة الدولار في وقت لاحق مقارنةً باليوان الصيني. غير أن القضية أكثر تعقيداً مما تم شرحه آنفاً.
الفكرة الأخيرة التي أريد أن أترككم معها هي: ما المسار الذي سيأخذه اليوان يا تُرى فيما إذا تم تعويمه؟ (تلميح: خذ الفائض التجاري للصين بعين الاعتبار).