تحديد التكلفة الحقيقية لربط العملة

نُشر هذا المقال في الاقتصادي-الإمارات: رابط المقال

هل هناك تكلفة لربط عملة بلد ما بعملة بلد آخر؟ وإذا كان هنالك تكلفة، كيف يمكن حسابها؟

أصبح عدد العملات المرتبطة بعملات أخرى الآن في أدنى مستوياته على مدى العقود الأربعة الماضية. أرجو منكم قبل أن تتابعوا القراءة أن تضعوا في اعتباركم أن هذه المقالة لن تشرح المنطق وراء عملية ربط عملة بأخرى، أو إيجابياتها وسلبياتها.

ولكن سأحاول في هذا المقال تقديم طريقة لحساب تكلفة تقريبية لربط العملة، ولا سيما مع الدولار الأميركي.

بعد مؤتمر “بريتون وودز”، وبعد أن حل الدولار الأميركي محل الذهب ليكون الركيزة الرئيسة للاقتصاد والتجارة العالمية، تم ربط العملات بشكل طبيعي بالدولار، خاصةً عملات الدول النفطية -باعتبار أن ربط العملة يتطلب ضخاً ثابتاً من الدولار الأميركي- غير أن هذا لا يقتصر على الدول النفطية طالما أن الغرض الأساسي هو الحصول على دخل ثابت بالدولار الأميركي، حيثُ يمكن تحقيق ذلك أيضاً من خلال الاستثمار في الولايات المتحدة أو عن طريق شراء سندات الخزانة الأميركية.

يتطلب دعم ربط العملة الموارد المناسبة التي تُستخدم من قبل الدول لشراء الدولار الأميركي بسعر السوق لتوفيره للبنوك والشركات التي تحتاج إلى خدمة ديونها المقيّمة بالدولار الأميركي أو إلى الإنفاق على الواردات وما إلى ذلك. هذا بالإضافة إلى مدخول الدول من الدولار الأميركي عن طريق استثماراتها أو معاملاتها التجارية.

ويضمن وجود سعر صرف ثابت لجميع البنوك والشركات المذكورة أعلاه إمكانية دائمة لشراء الدولار الأميركي بنفس سعر الربط، مما يسهّل التنبؤ بالنفقات المستقبلية وتوفير غطاء أمان للبنوك والشركات في معاملاتها الدولية. وعلى هذا الصعيد، كيف يمكن حساب تكلفة هذا الربط؟

أُورِدُ أدناه بعض العناصر التي يمكن أن تلعب دوراً في حساب تكلفة ربط العملة بالدولار الأميركي، بالنظر إلى أن أكثر من 80% من المعاملات الدولية تتم بالدولار الأميركي. يمكن أن تشكّل العناصر المذكورة أدناه أساساً للشروع في حساب تكلفة الربط، مع الأخذ في الاعتبار أن النهج الصحيح هو حساب إجمالي المعاملات الدولية التي أجراها البلد في العملة المرتبطة.

*الدين –يحتاج الدين المُقيّم بالدولار الأميركي- سواء كان للحكومة أو للشركات، إلى استقرارِ سعر الصرف لضمان السلاسة في خدمة هذا الدين.

*الواردات -يتم التعبير أحياناً عن احتياطيات البنك المركزي من خلال عدد الأشهر التي يمكنه تغطية الواردات خلالها. وهذا هو السبب أيضاً في أنه من الأسهل بكثير بالنسبة للبلدان التي تربط عملاتها بالدولار الأميركي أن تفرض رسوماً أو ضرائب على الواردات لتقليلها مما يسهم في إنقاذ احتياطيات العملات الأجنبية المتناقصة.

*الإنفاق في الخارج -كم عدد المرات التي لجأتَ فيها إلى استعمال الدولار الأميركي عندما لم تتوفر لديك عملة البلد الذي سافرتَ إليه؟ من المعروف بالطبع أن الدولار الأميركي مقبول عالمياً ويمكن صرفه في أي بلد تذهب إليه. (ملاحظة جانبية: لقد سافرتُ مرة إلى بلد لم يكن فيه الدولار الأميركي مقبولاً). يمكن أن توفر الدولارات التي تشتريها بيوت الصرافة مؤشراً على كمية الدولارات المرتبطة بالإنفاق في الخارج.

لذلك إذا كانت هناك صيغة لحساب تكلفة الربط بالدولار الأميركي لبلد ما، فلا بد أن تشمل على الأقل العناصر الثلاثة المذكورة أعلاه. وفي ضوء ذلك، يمكن إضافة أي عنصر آخر ينطوي على شراء دولار أميركي أو معاملات بالدولار الأميركي بغرض حساب تكلفة ربط العملة.

لاحظ هنا أن حجم الاقتصاد، بالنظر إلى الناتج المحلي مثلاً، لا يعني بالضرورة تكلفةَ ربطٍ أعلى. بل بدلاً من ذلك، إن حجم المكونات المذكورة أعلاه هي العلامات الرئيسة التي يمكن أن تضخّم أو تُقلِّل تكلفة الربط.

الفكرة الأخيرة التي أريدُ أن أترككم معها هي: ما نسبة غلاء الدرهم الإماراتي نتيجة ربطه بالدولار الأميركي؟